الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المتواري على أبواب البخاري
.كتاب الاستئذان: .باب قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا أو تسلموا على أهلها} إلى: {وما تكتمون} [النور: 27- 29]: فيه ابن عباس: أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلاً مضيئاً. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم. وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتى النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها. فأخلف يده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها. الحديث. وفيه أبو سعيد: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس بالطرقات». قالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث بها. قال: «فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه». قالوا: وما حق الطريق؟ قال: «غض البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر». قلت: رضي الله عنك! وجه الجمع بين الترجمة بالآية وبين الآثار والآيات المذكورة بعدها، أن الاستئناس هو الاستئذان. إنما جعل من أجل النظر خشية أن ترى العورة فجأة. فقرر بالآثار أن رؤية العورة محرم ومنهي عنه. فإذا كان الهجوم بلا استئذان ذريعة إليه وجب تحريمه لأدائه إلى المحرم. .باب إذا دعي فجاء، هل يستأذن: وفيه: أنه دعي أهل الصفة فأقبلوا، فاستأذنوا. قلت: رضي الله عنك! أورد البخاري الحديثين، ظاهرهما التعارض لينبّه على الجمع. ووجهه أن الحديث الأول فيمن دعي بالباب مثلاً، فهذا لا يستأذن. والعادة تشهد بذلك. والله أعلم. .باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب: قلت: رضي الله عنك! وهم ابن بطال فاستدل بالكتاب على جواز بداءة أهل الكتاب بالسلام، وليس فيه إلاّ سلام على من اتّبع الهدى. فكأنه سلام معلق على إسلامهم. والمعلق على شرط عدمٌ، عند عدم الشرط. ولو كان كما ظنّ لقال: سلام عليكم. .باب المعانقة، وقول الرجل: كيف أصبحت: قلت: رضي الله عنك! المعانقة ترجم عليها، ولم يذكر حديثها. وإن كان قد ذكر معانقة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن في غير هذا الكتاب. ذكره في باب- ما ذكر في الأسواق- وكان الذي منعه من ذكره هاهنا أن عادته لا يكّرر الحديث، إلا إذا اختلفت ألفاظه، وإسناده. فلما لم يجد لهذا الحديث عنده إسناداً آخر كان في مهلة التماسه فاخترم قبل ذلك. والله أعلم. .باب الجلوس كيفما تيّسر: قلت: رضي الله عنك! مطابقة الترجمة للحديث من جهة المفهوم، لأنه إنما نهى عن حالة واحدة من حالات الجلوس، فأفهم بالتخصيص أن الحكم فيما عدا هذه الحالة الإباحة. والله أعلم. .باب كل لهو باطل إذا اشغل عن طاعة الله عزّ وجلّ ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك: فيه أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال: أقامرك، فليتصدق». قلت: رضي الله عنك! وجه استفادة الترجمة من الآية أن الله عزّ وجلّ جعل اللهو داعية الضلال عن سبيل الله. وسبيل الله هي الحق. فكل شيء ضادّها وحادّها باطل. وهذا الانتزاع أحسن من قول المؤلف: إنه انتزعه من قول القاسم: الغناء باطل، والباطل في النار. .كتاب اللباس: .باب الحرير للنساء: وفيه عمر- رضي الله عنه-: إنه رأى حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله! لو ابتعتها للوفد- فذكر الحديث إلى قوله- «إنما بعثت بها إليك لتبيعها أو تكسوها». وفيه أنس: إنه رأى على أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء. قلت: الأحاديث مطابقة للترجمة، إلا حديث عمر فليس فيه إلا: «لتبيعها أو تكسوها»، ولم يقل: للنساء. ولكن قد علم أنه لا يكسوها للرجال، لأنه نهاه عنها. والناس في الدين شرع، فلم يبق إلا النساء. فتعيّن جواز لباسهن له. ويردُ عليه احتمال أن يبيعها أو يكسوها كافراً. وقد ورد هذا صريحاً في حديث عمر، إلا أن يكون البخاري ما صحّ عنده أن عمر كساها لأخٍ له مشترك بإذن النبي صلى الله عليه وسلم وبنى على أن الكافر مخاطب فتعيّن كون النساء. والله أعلم. .باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ من اللباس والبسط: وفيه هند بنت الحارث: عن أم سلمة، استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، وهو يقول: «لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ وماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة». قال الزهري: كانت هند لها أزرار في كميّها بين أصابعها. قلت: رضي الله عنك! المطابقة بين حديث هند وبين الترجمة من وجهين: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيقظوا صواحب الحجرات. يعني أزواجه، ثم حذّرهن من لباس الشفوف لأن الجسد بها موصوف. فإذا حذّر نساءه منه فما الظن به صلى الله عليه وسلم. والثاني: أن هنداً راوية الحديث فهمت هذا المعنى فجعلت أزراراً على كميها خشية ظهور طرفها. وأفهم البخاري بهذا أن الحديث على غير ما ظنّه بعضهم من أن المراد: رُبّ كاسيٍة من الثياب عارية من التقوى، فهي عارية يوم القيامة. وهذا المعنى يشبه لولا فهمته هند منه. والله أعلم. وتأويل راوي الحديث في سياق التفسير مقدّم على غيره. .باب ما يُدعى به لمن لَبِسَ ثوباً جديداً: قلت: رضي الله عنك! كان هذا من قبيل التهنئة بلباس الجديد. وأدخله البخاري لئلا يظنّ أن مثل هذا من قبيل ما اختلف فيه من التهنئة بالمواسم الشرعية. والله أعلم. .باب وصل الشعر: وفيه أبو هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله الواصلة والمستوصلة. وفيه أسماء: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أنكحت ابنتي، ثم أصابها شكوى، فتمزّق رأسها، وزوجها يستحثّني بها. أفأصل شعرها؟ فسبّ النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة. قال نافع: الوشم في اللثة. قلت: رضي الله عنك! الأحاديث مطابقة إلا قول نافع: الوشم في اللثة. لكن وجه دخوله أن الوشم كره لأن يغيّر الخلقة بمعنى التحسين، فساواه الوصل في ذلك. .باب التصاوير: قلت: رضي الله عنك! اتبع البخاري حديث الوصل والوشم بأحاديث التصاوير، لاشتراك الجميع في مضاهاة خلق الله. .كتاب الأدب: .باب من تركَ صبيةَ غيره حتى تلعب به، أو قَبَّلها أو مازحها: قلت: رضي الله عنك! جعل تمكين النبي صلى الله عليه وسلم لها من ذلك يتنزّل منزلة ابتدائية يتناولها لتلعب، وقاس قبلة الصغيرة على المماسّة. .باب رحمة الناس والبهائم: وفيه أبو هريرة: قام النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة،: اللهم ارحمني ومحّمداً، ولا ترحم معنا أحداً. فلمّا سلّم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: «لقد حجّرتا واسعاً». يريد رحمة الله. وفيه النعمان بن بشير: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد. إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى». وفيه أنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم غرس غرساً فأكل منه إنسان أو دابّة إلا كان له صدقة». وفيه جرير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم». قلت: رضي الله عنك! الأحاديث كلها ظاهرة المطابقة للترجمة، إلا حديث الغرس. ولكنه أدخله، لأنه ذكر فيه الصدقة على الناس والبهائم بما عساه يتناول من ثمره. وفي هذا حثّ على شمول الرحمة حتى للبهائم، وترغيب في ذلك. .باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم: الطويل والقصير: فيه أبو هريرة: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين ثمّ سلّم- الحديث- وكان في القوم رجل كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه ذا اليدين. فقال: «أصدق ذو اليدين؟». قلت: رضي الله عنك! أشار البخاري إلى أن ذكر مثل هذا إن كان للبيان والتمييز، كما ورد في الحديث، فهو الجائز. وإن كان في غير هذا السياق كالتنقيص والتغييب فهذا الذي لا يجوز. وإشارة عائشة في بعض الحديث إلى المرأة التي دخلت عليها، ثم خرجت فأشارت عائشة بيدها أنها قصيرة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغتبتها»، لأن عائشة لم تفعل هذا بياناً. وإنما قصدت إلى الإخبار عن صفتها خاصّة ففهم التغييب، فنهيت. .باب الغيبة، وقوله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضاً} [الحجرات: 12]: قلت: رضي الله عنك! بوّب على الغيبة، وذكر النميمة تنبيها على اجتماعهما في المعنى. وهو الذكر بظهر الغيب بما يكره الإنسان أن يذكر عنه. وألحق الغيبة بالنميمة بطريق الأولى، إذ النميمة لا يكون فيها تنقيص. والغيبة لا تخلو منه، فهي أحرم. .باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خير دور الأنصار»: قلت: رضي الله عنك! ترجم على خير دور الأنصار، وفي الحديث: «خير الأنصار»، لينبّه على أنّ المراد بالدور أهلها على حذف المضاف. وقد ورد في حديث: «خير دور الأنصار» لم يذكره البخاري، لئلاّ يتخيل ظاهره، وهو التفضيل بين الدور، لا بين الأهل. والله أعلم. .باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه: قلت: رضي الله عنك! لما ترجم على النميمة استثنى هذا النحو. وترجم عليه بما يفهم منه إلحاقه بالنصيحة الجائزة. ولهذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الناقل. .باب من أثنى على أخيه بما يعلم: فيه ابن عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر في الإزار ما ذكر. قال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسقط من أحد شقيه. قال: «إنك لست منهم». قلت: رضي الله عنك! بيّن بهذه الترجمة وبما اشتملت عليه أن الحديث الأول وهو قوله: «قطعتم ظهر الرجل» إنما كان لأنهم جازفوا في الثناء، أو لأنّ الممدوح كان ممن يفتتن، لأنه صلى الله عليه وسلم هاهنا أثنى على أبي بكر بسلامته من الخيلاء لأنه علم منه ذلك، وأبو بكر لا يفتتن. وما لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم الجزم. .باب ما يجوز من الظن على شرار الخلق: قلت: رضي الله عنك! الترجمة على الظن، والحديث صيغته بنفي الظن. ولكن نفي الظنّ فيه وفي أمثاله موضوع لظنّ النفي عرفاً. وإنما عدل عن الحقيقة الأصلية في الإطلاق تحقيقاً للنصفة، وأن صاحبه بريء من المجازفة حريّ بالمناصفة. ولهذا قبل مالك في الشهادة صيغة لا أعلم له وارثاً سوى ولده وهذه الصيغة وضعاً لنفى العلم بزائد على الولد. وقد يكون شاكاً فيه. لكنهما عرفاً للبتّ بالنفي تغليباً. .باب ستر المؤمن على نفسه: وفيه ابن عمر: إن رجلاً سأله، كيف سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: «يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرّره ثم يقول: سترت عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم». قلت: رضي الله عنك! ترجم على ستر المؤمن على نفسه، ثم ذكر حديث النجوى. وما فيه: «سترت على نفسك، بل سترت عليك»، لأن ستر العبد على نفسه هو ستر الله عليه إذا هو خالق عبيده وأفعالهم. .باب من كفّر أخاه بغير تأويل فهو كما قال: وفيه ثابت بن الضحاك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملّة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال. ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم. ولعن المؤمن كقتله. ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله». قلت: رضي الله عنك! حمل البخاري قوله: «فقد باء به أحدهما» على تحقيق الكفر على أحدهما لأنه إن كان صادقاً فالمرمى كافر وإن كان كاذباً فقد جعل الرامي الإيمان كفراً. ومن جعل الإيمان كفراً فقد كفر، ولأجل هذا ترجم عليه مقيّداً بغير تأويل. .باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً: فيه جابر: إن معاذ بن جبل كان يصلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي قومه فيصلّى بهم صلاة، فيقرأ بهم البقرة. فتجوّز رجل فصلّى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذاً، فقال: إنه منافق. فبلغ ذلك الرجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنا قوم نعمل بأيدينا، ونستقى بنواضحنا، وإن معاذاً صّلى بنا البارحة، فقرأ البقرة فتجوّزت، فزعم أنى منافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أفتّان أنت- ثلاثاً- اقرأ: {والشمس وضحاها}، و{سبح اسم ربك الأعلى} ونحوهما». وفيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزّى، فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدّق». وفيه ابن عمر: إنه أدرك عمر، وهو في ركب وهو يحلف بأبيه. فناداهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت». قلت: رضي الله عنك! الأحاديث مطابقة للترجمة إلا حديث عمر- رضي الله عنه-. ولكن لما كان الحلف تعظيماً للمحلوف به. ولم يكن الخطّاب مؤمناً كان الحلف تعظيماً للكافر، ولكن عذر بالتأويل. .باب ما لا يستحى من الحق لأجل التفقه في الدين: وفيه ابن عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المؤمن مثل شجرة خضر لا يسقط ورقها، ولا يتحات». فأردت أن أقول: هي النخلة وأنا غلام شاب- فاستحييت، فقال: «هي النخلة». فقال عمر: لو كنت قلتها كان أحبّ إليّ من كذا وكذا. وفيه أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، فقالت: هل لك في حاجة؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها فقال: «هي خير منك عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسها». قلت: رضي الله عنك! وجه مطابقة الترجمة لحديث التي عرضت نفسها، وإنما فعلت ذلك ديناً، لا لحظ نفس، ولما ترتّب على تزويجه صلى الله عليه وسلم بها من حملها للشريعة عنه، ولما بطن وراء الحجب أسوة نسائه- رضي الله عنهن- فطلبها لذلك داخل في طلب التفقّه في الدين والعلم. .باب هجاء المشركين: وفيه عروة: ذهبت أسبّ حسان عند عائشة، فقالت: لا تسبّه فإنه كان ينافح رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه أبو هريرة: في قصصه يذكر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أخاً لكم- يعني ابن رواحة- قال: وفيه أبو سلمة: إنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة يقول: أناشدنّك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا حسّان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أيد بروح القدس»؟ قال أبو هريرة: نعم. وفيه البراء: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان: «اهجهم- أو هاجمهم- وجبريل معك». قلت: رضي الله عنك! كل هذه الأحاديث مطابقة، وشعر ابن رواحة أيضاً لقوله: إذا استثقلت بالكافرين المضاجع. .باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصدّه عن ذكر الله، والقرآن، والعلم: قلت: رضي الله عنك! يطابق الحديث الترجمة بالمفهوم، لأنه إنما ذمّ الامتلاء الذي لا متّسع معه لغيره. فدلّ أنّ ما دون ذلك لا يدخله الذم. .باب علامة الحبّ في الله: فيه عبدالله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب». وقال ابن مسعود مرّة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ «قال: ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها من كثير صلاة، ولا صوم، ولا صدقة. ولكني أحبّ الله ورسوله. قال: «أنت مع من أحببت». قلت: رضي الله عنك! الآية مطابقة للترجمة، لأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعله الله علامة لحبّه إذ وعد المحبّة عليه. ومطابقة الترجمة للأحاديث عسيرٌ فتأمله. .باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الكرم قلب المؤمن»: فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويقولون الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن». قال: المبالغة بجميع هذه الأحاديث من الجهة العامة. وهاهنا وقف الشارح. قلت: رضي الله عنك! والجهة الخاصة التي اجتمعت فيها الأخبار وقوع الكلام على المجاز، وعكس الحقيقة العرفية والوضعية. وفائدة المجاز تحقيق المعنى وتأكيده في النفس. ولا يعدّ ذلك خلفاً، وإنما هو وضع بان اللفظ. والله أعلم. .باب قول الرجل لصاحبه: يا أبا فلان وأحبّ الأسماء إلى الله عزّ وجلّ: قلت: رضي الله عنك! مطابقة الترجمة أنهم أنكروا عليه أن كناه بكنية النبي صلى الله عليه وسلم لا أصل الكنية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليه بعبد الرحمن. إنما يشير بما هو خير عند الله. وقد ورد حديث على لفظ الترجمة في عبد الرحمن وعبدالله. .باب الكنية للصبي، وقبل أن يولد للرجل: قلت: رضي الله عنك! يريد أن الكنية اسم جامد مرتجل مركب، لا على حقيقة الإضافة التي يتوقف صدقها على أن للمكنيّ ولداً، وهو أبوه. .باب المعاريض مندوحة عن الكذب: فيه أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له، فحدا الحادي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارفق يا أنجشة- ويحك- بالقوارير». قال أبو قلابة: يعني النساء. وقال أنس مرّة: «لا تكسر القوارير». قال قتادة: يعني ضعفة النساء. قال أنس: كان بالمدينة فزع، فركب النبي صلى الله عليه وسلم فرساً لأبي طلحة، فقال: «ما رأينا من شيء. وإن وجدناه لبحراً». ذكر الطبري بإسناده عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. وعن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: ما أحبّ أن لي بمعاريض الكلام كذا وكذا. ومعنى مندوحة، أي متّسع. ويقال: منه انتدح فلان بكذا، ينتدح انتداحاً إذا اتّسع به. وقال ابن الأنباري: يقال: ندحت الشيء إذا وسّعته. قال الطبري: انتدحت الغنم في مرابضها، إذا تبدّدت واتّسعت عن البطنة. واندح بطن فلان، واندحى يعني استرخى واتّسع. قلت: رضي الله عنك! مطابقة الترجمة للحديث الأول بيّنة، وأما ما بعده فليس من المعاريض التي يفزع إليها عن الكذب. وإنما هو تشبيه ومبالغة. لكن وجه دخوله أن التشبيه إذا جاز ذكره بصيغة الإجازة بلا آلة تشبيه، ولم يعدّ حلفاً ولا دعت إليه حاجة. فالمعاريض عند الحاجة أولى. .باب تشميت العاطس إذا حمد الله: قلت: رضي الله عنك! الترجمة مطلقة بالحمد، والحديث مطلق. فنبّه البخاري على أن الحديث ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بالأحاديث التي أوردها قبل هذه الترجمة، وقد تضمنّت اشتراط الحمد.
|